صورة من حياة الرشايدة في إريتريا .
في مارس 1992 م ورد في صحيفة (((نيو يورك تايمز))) مقال طويل لمراسلة الصحيفة في أثيوبيا آنذاك عن الرشايده في إرتيريا , و لو ورد معلومات فيه لها علاقة وثيقه بما في هذا الكتاب من معلومات عنهم , رأينا أنه من الأفضل و المفيد جدا إلحاق ما جاء في الصحيفه بهذا الكتاب تعميما للفائده , و هذا نصه :
صحيفة نيو يورك تايمز الدوليه \ لخميس 5 مارس 1992 ميلادي .
يوميات شعب .
بقلم الكاتبه : جين بير ليز :
شعب أثيوبيا . في رمال شاطيء البحر الأحمر , نشرت حميده محمد البالغه من العمر 18 سنه جميع ملابسها الخاصه بزواجها الحديث : الاساور الذهبيه المحكمه على كلا الساعدين , ساعه فولاذيه ثقيله و مزخرفه , و قناع مخيط يظهر عينها فقط خلال الأيام الثلاثه للحتفال بزواجها .
كل النساء تجتمع في خيمتها المنسوجه من الصوف , حميده ترتدي حجاب يغطي فمها منذ أن كانت في سن الخامسه و كزوجه أولى بالنسبه لزوجها البالغ من العمر 22 عام فهي تعي أنه مخول له أن سيتزوج بواحده أو اثنتين أخرين .
تنتمي حميده إلى قبيلة الرشايده الرعويه , الذين يطبقون تعاليم الإسلام بحزم , و الذين أبحروا عبر البحر الأحمر باتجاه إفريقيا من المملكه العربيه السعوديه قبل 200 سنه تقريبا .
هناك حوالي 50,000 فرد ينتمون إلى قبيلة الرشايده في إرتيريا , إقليم من أقاليم أثيوبيا و التي بحث أهلها كثيرا عن الاستقلال . و قد بقيت قبيلة الرشايده جزءا من القبائل العربيه البدويه التي لم يتجراء عليها أحد في إفريقيا . مثلهم مثل أقربائهم قبائل الرشايده البدوية الأخرى التي تقيم في المملكه العربيه السعوديه , ظلوا يتشبثون بولائهم الإسلامي , و يتمسكون بلغتهم العربيه و يزيدون في تجوالهم مستخدمين الجمال لنقل السلع المهربه .
منطقة الاستقرار :
لكن الآن الحياة البدويه قد أتت إلى نهايتها مثلهم في ذلك مثل كثير من القبائل البدويه في إفريقيا , يخضعون لضغوط الاستقرار في أماكن دائمه , على امتداد المنطقه الصحراويه جنوب الصحراء , حاولت الحكومات تخفيف آثار الجفاف الدوريه , ملحة على الرعاة المتنقلين أن يندمجوا في الحياة المستقره .
الحكومة الجديده في إريتيريا التي نالت الاستقلال بعد 30 سنه من الحرب ضد أثيوبيا في السنة الماضيه , طالبت الرشايده أيضا أن يحولوا أنفسهم إلى الحياة المستقره .
هناك شريحة من الأرض تقع بجوار قرية شيب قرية تقع على بعد أكثر من 35 ميلا شمال غرب مصوع , خصصت للرشايده كي يستقروا بها . فكانت فكرة توفير المدارس و المراكز الصحيه لأناس لا يعرفون كثيرا .
على وجه هذا التغيير حاول الرشايده بدرجات متفاوته من النجاح في الاحتفاظ بطرقهم المميزه .
عندما وصل الرشايده الى إرتيريا كان النساء يرتدين شراشف حمراء تقليديه يصل طولها الى الكعب تستعمل فيها الألوان مثل الأصفر و الأخضر المعروفين في المملكه العربيه السعوديه . يرتدين الحجاب , و أعمالهن اليوميه الروتينيه هي رعي الماعز و الأغنام في الصحراء , و يتزين بالزينه المعدنيه المنظومه .
القاعده في اللبس هي تفضيل الأنواع المفصله التي تتم خياطتها في كل من بور تسودان و كسلا في السودان حيث أنتشر الرشايده الأوائل الذين أتوا الى إرتيريا و قال سعيد صالح في هذه الأيام أنه من غير النادر أن ترى نساء الرشايده بأزيائهن يرين أشداء في العيون الغربيه يركبن الجمل أو يمشين في الصحراء بأقدامهن وسط قطيع الماعز .
قال سعيد إن الممارسه المستمره حتى الآن هي محاولة زواج الفتاه و هي صغيره من العمر (قبل أن تبلغ العشرين) .
و نحن نحاول أن نجعلهن يتزوجن في سن 15 سنه , لذا لا يغوين و يحملن سفاحا , كما قال . و إذا حملت البنت سفاحا فإننا نقتلها . و إذا وجدنا أحد من رجال ((التقر)) يلعب مع واحدة من نسائنا فإننا نحمل سكينا و نقتله (( في قوله تقراي : إشارة الى قبيلة من القبائل المجاوره)) .
حقا إن الرشايده يؤمنون بعظمة نسائهم و التي دعت الكثير منهم الى الهجره من المملكه العربيه السعوديه الى ساحل إرتيريا .
فحسب القصه أن أحد القاده السعوديين طلب الزواج من إحدى فتيات الرشايده الجميلات , فرفض الرشايده ((( أن يخلطوا سلالتهم))) ففروا في الليل عبر البحر الأحمر الى إرتيريا في آواخر حكم الأتراك .
المصدر كتاب (بدو الرشايده - الرحالة العرب بشرق السودان , the rashaayda bedouin arab pastoralists of eastern sudan) تأليف د \ وليام يانغ صفحه 245 - 247 .